بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 8 نوفمبر 2012

العشق و الهيام و فرض الألم و الإيلام

بمجرد كتابتى للعنوان انفجرت ضاحكاً
فأنا في الأغلب اكتب العنوان اولاً ثم المقال و ليس العكس
و سبب ضحكى انى تخيلت صديق لى اسمه محمد كيلانى يقول لى والعة يا جيمى .. و هو له اسلوبٌ قادم من ثلاثينيات القرن الماضى فتحسب أنه من ابناء الطبقة الوسطى ممن دخل منهم كلية القمة - الحقوق فى ذلك الوقت - و يرتدى بدلة بيج و طربوش و يقبل يد امه قبل ان يخرج للجامعة و يقولها: عايزة حاجة يا نينة
استحضر صورة عماد حمدى ان كنت لم تستعب مقصدى
قطعاً سينفجر فىّ بمجرد قرائته لهذه المقدمة التى لا علاقة لها بالموضوع و لكن لهذا مجال اخر
و ايضاً تذكرت صديق اخر فى حاله نوعاً ما يقول لى الحب ولّع فى الدرة .. اسمه هشام بالمناسبة
المهم
منذ امدٍ ليس بقريب يجول بخاطرى هذا الموضوع. ما هو الحب؟ و ما هو العشق؟ و كيف لانسانٍ أن يهيم بآخر و الّا يستشعر الحياة بدونه؟
فى بعض الاحيان أعتقد أن للموضوع ابعاداً روحية.. أى أنه انجذاب لارواح قد تكون تلاقت فى عالمٍ او بعدٍ اخرين.
و بعد أن افكر فى هذا بجدية أجدنى املأ رأسى سخريةً
سحقاً.. إن كان الأمر كذلك فلماذا يكون الانجذاب الطبيعى بين جنسين مختلفين؟
اقول مرة اخرى.. الانجذاب الطبيعى .. و ما حاد عن ذلك فهو فى حكم كل المجتمعات - سواء قبلته ام لا - شاذ
و بمجرد ان أسخر من خاطرة الارواح - و البونبونى بحكم القلش - اجدنى افكر فى الاعيب الحياة
فالحب هو الخدعة الكبرى التى اوهمتنا بها الحياة حتى نحافظ على البقاء
وفى رأيى لو كان الانسان فى مجتمع لا يحرم العلاقات على عمومها - اقصد كالمجتمعات الحيوانية - لما ظهر هذا ما يسمى حباً
فانا لم يرد الىّ أن كلباً مثلاً اقدم على الانتحار من أجل كلبة رفضته .. او أن قطة اصيبت بازمة نفسية من أجل قطٍ هجرها
و فى تأملاتى المرسلة ركنتُ إلى أن فى الحب رغبة فى الامتلاك.. استحواز على الاخر برغبته .. أو هكذا يعتقدون
قد يخالفنى البعض و يقول الحب شئ مهم.. فانت لن تستطيع ان تعيش مع امرأة لا تحبها
و هنا اخالفهم.. فهم خلطوا بين الحب و الاعتياد .. فعلى سبيل المثال لو كنت من اسرة فقيرة و تسكنون فى حىٍ فقير .. ثم جاءكم من المال ما تستطيعون به ان ترتقوا إلى حىٍّ افضل.. فانت تشعر بحنين الى حيِّكَ القديم .. رغم أنه أسوأ
فالانسان "عِشَرِى" بطبعه..
لم ادّع ابداً أن الحب وهمٌ .. لا .. بل أنّى اتساءل .. كيف تسيطر علينا هذه الخواطر و المشاعر و نحن نعلم حقيقة الامر؟
و لماذا اقترن الحب دوماً بالالم؟
و هل فى تعذيب الاخرين - ممن يحبوننا - متعة خفية قد تكون سادية؟
لو تأملنا فى قصص الحب كلِّها لوجدنا أنها قصص عذاب اكثر منها قصصاً رومانسية - ده لو فيه حاجة بجد اسمها رومانسية

اشعار الجاهلية التى تصف الهجر و البعد و الالم و الفراق و الهجر و الولع ... أقوى بمراحل من اشعار وصف المحبوب و جمال القرب منه و التغزُّل فى صفاتِه
انظروا ماذا قال عنترة فى معلقته

هلْ غادرَ الشُّعراءُ منْ متردَّمأم هلْ عرفتَ الدارَ بعدَ توهمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّميوَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاِسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّهافَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنابِالحَزنِ فَالصَمّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
حُيِّيتَ مِن طَلَلٍ تَقادَمَ عَهدُهُأَقوى وَأَقفَرَ بَعدَ أُمِّ الهَيثَمِ
حَلَّت بِأَرضِ الزائِرينَ فَأَصبَحَتعَسِراً عَلَيَّ طِلابُكِ اِبنَةَ مَخرَمِ
عُلِّقتُها عَرَضاً وَأَقتُلُ قَومَهازَعماً لَعَمرُ أَبيكَ لَيسَ بِمَزعَمِ


و لو ذهبنا الى قصيدة اخرى له لوجدناه يقول متنمياً الموت

ولَلمَوتُ خيرٌ للفتى من حياتِهإذا لم يَثِبْ للأمرِ إلاّ بقائدِ
فعالجْ جسيماتِ الأمورِ، ولا تكنْهبيتَ الفؤادِ همهُ للوسائدِ
إذا الرِّيحُ جاءَت بالجَهامِ تَشُلُّهُهذا ليلهُ شلَّ القلاصِ الطَّرائدِ
وأَعقَبَ نَوءَ المِرزَمَينِ بغُبرَة ٍوقطٍ قليلِ الماءِ بالَّليلِ باردِ
كفى حاجة َ الاضيافِ حتى يريحهاعلى الحيِّ منَّا كلُّ أروعَ ماجدِ
تراهُ بتفريجِ الأمورِ ولفِّهالما نالَ منْ معروفها غيرَ زاهدِ
وليسَ أخونا عند شَرٍّ يَخافُهُولا عندَ خيرٍ إن رَجاهُ بواحدِ
إذا قيل: منْ للمعضلاتِ؟ أجابهُ:عِظامُ اللُّهى منّا طِوالُ السَّواعدِ



و ايضا قال:

سَلا القلبَ عَمّا كان يهْوى ويطْلبُوأصبحَ لا يشكو ولا يتعتبُ
صحا بعدَ سُكْرٍ وانتخى بعد ذِلَّة ٍوقلب الذي يهوى ْ العلى يتقلبُ
إلى كمْ أُداري من تريدُ مذلَّتيوأبذل جهدي في رضاها وتغضبُ
عُبيلة ُ! أيامُ الجمالِ قليلة ٌلها دوْلة ٌ معلومة ٌ ثمَّ تذهبُ
فلا تحْسبي أني على البُعدِ نادمٌولا القلبُ في نار الغرام معذَّبُ
وقد قلتُ إنِّي قد سلوتُ عَن الهوىومَنْ كان مثلي لا يقولُ ويكْذبُ
هَجرتك فامضي حيثُ شئتِ وجرِّبيمن الناس غيري فاللبيب يجرِّبُ
لقدْ ذلَّ منْ أمسى على رَبْعِ منْزلٍينوحُ على رسمِ الدَّيار ويندبُ
وقدْ فاز منْ في الحرْب أصبح جائلايُطاعن قِرناً والغبارُ مطنبُ
نَدِيمي رعاكَ الله قُمْ غَنِّ لي علىكؤوسِ المنايا مِن دمٍ حينَ أشرَبُ
ولاَ تسقني كأْسَ المدامِ فإنَّهايَضلُّ بها عقلُ الشُّجَاع وَيذهَبُ



و نجد أن كل هم عنترة فى الوجود هو الظفر بعبلة محبوبته ..  و كأن لا نساء غيرها فى الارض... حتى انه تمرد على عبوديته و قاتل و دافع عن قومه لا كى يصير منهم... و انما جعل اثبات الاصل وسيلة لبلوغ عبلة
نحن نتحدث هنا عن رجل من اقوى رجال العرب فى التاريخ و اشدهم بطشاً فى القتال

================



و لنر ما اجمل ما قاله الأعشى - فى احدى المعلقات السبع - فى وداع هريرة محبوبته - التخينة - و كيف بمرارة و الم يتحسر على صفاتها الحلوة - فى نظره قطعاٍ

ودّعْ هريرة َ إنْ الركبَ مرتحلُ،وهلْ تطيقُ وداعاً أيها الرّجلُ؟
غَرّاءُ فَرْعَاءُ مَصْقُولٌ عَوَارِضُها،تَمشِي الهُوَينا كما يَمشِي الوَجي الوَحِلُ
كَأنّ مِشْيَتَهَا مِنْ بَيْتِ جارَتِهَامرّ السّحابة ِ، لا ريثٌ ولا عجلُ
تَسمَعُ للحَليِ وَسْوَاساً إذا انصَرَفَتْكمَا استَعَانَ برِيحٍ عِشرِقٌ زَجِلُ
ليستْ كمنْ يكره الجيرانُ طلعتها،ولا تراها لسرّ الجارِ تختتلُ
يَكادُ يَصرَعُها، لَوْلا تَشَدّدُهَا،إذا تَقُومُ إلى جَارَاتِهَا الكَسَلُ
إذا تُعالِجُ قِرْناً سَاعة ً فَتَرَتْ،وَاهتَزّ منها ذَنُوبُ المَتنِ وَالكَفَلُ
مِلءُ الوِشاحِ وَصِفْرُ الدّرْعِ بَهكنَة ٌإذا تَأتّى يَكادُ الخَصْرُ يَنْخَزِلُ


ثم اذا به يتحسر على رفضها و يصرخ بانه لا ذنب له اذ هو أعشى


صدّتْ هريرة ُ عنّا ما تكلّمنا،جهلاً بأمّ خليدٍ حبلَ من تصلُ؟
أأنْ رأتْ رجلاً أعشى أضر بهِلِلّذّة ِ المَرْءِ لا جَافٍ وَلا تَفِلُ


ثم لا يلبث الّا أن يعود لحسنها مرة أخرى

هركولة ٌ، فنقٌ، درمٌ مرافقها،كأنّ أخمصنها بالشّوكِ منتعلُ
إذا تَقُومُ يَضُوعُ المِسْكُ أصْوِرَة ً،والزنبقُ الوردُ من أردانها شمل
ما رَوْضَة ٌ مِنْ رِياضِ الحَزْنِ مُعشبة ٌخَضرَاءُ جادَ عَلَيها مُسْبِلٌ هَطِلُ
يضاحكُ الشمسَ منها كوكبٌ شرقٌمُؤزَّرٌ بِعَمِيمِ النّبْتِ مُكْتَهِلُ
يَوْماً بِأطْيَبَ مِنْهَا نَشْرَ رَائِحَة ٍ،ولا بأحسنَ منها إذْ دنا الأصلُ
علّقتها عرضاً، وعلقتْ رجلاًغَيرِي، وَعُلّقَ أُخرَى غيرَها الرّجلُ
وَعُلّقَتْهُ فَتَاة ٌ مَا يُحَاوِلُهَا،مِنْ أهلِها مَيّتٌ يَهذي بها وَهلُ
وَعُلّقَتْني أُخَيْرَى مَا تُلائِمُني،فاجتَمَعَ الحُبّ حُبّاً كُلّهُ تَبِلُ
فَكُلّنَا مُغْرَمٌ يَهْذِي بصَاحِبِهِ،نَاءٍ وَدَانٍ، وَمَحْبُولٌ وَمُحْتَبِلُ


ثم يتذكر مرة اخرى حوارها معه فيقول

قالتْ هريرة ُ لمّا جئتُ زائرها:وَيْلي عَلَيكَ، وَوَيلي منكَ يا رَجُلُ
يا مَنْ يَرَى عارِضا قَد بِتُّ أرْقُبُهُ،كأنّمَا البَرْقُ في حَافَاتِهِ الشُّعَلُ
لهُ ردافٌ، وجوزٌ مفأمٌ عملٌ،منطَّقٌ بسجالِ الماءِ متّصل
لمْ يلهني اللّهوُعنهُ حينَ أرقبهُ،وَلا اللّذاذَة ُ مِنْ كأسٍ وَلا الكَسَلُ
فقلتُ للشَّربِ في درني وقد ثملوا:شِيموا، وكيفَ يَشيمُ الشّارِبُ الثّملُ
بَرْقاً يُضِيءُ عَلى أجزَاعِ مَسْقطِهِ،وَبِالخَبِيّة ِ مِنْهُ عَارِضٌ هَطِلُ
قالُوا نِمَارٌ، فبَطنُ الخالِ جَادَهُما،فالعَسْجَدِيّة ُ فالأبْلاءُ فَالرِّجَلُ
فَالسّفْحُ يَجرِي فخِنزِيرٌ فَبُرْقَتُهُ،حتى تدافعَ منهُ الرّبوُ، فالجبلُ
حتى تحمّلَ منهُ الماءَ تكلفة ً،رَوْضُ القَطَا فكَثيبُ الغَينة ِ السّهِلُ
يَسقي دِياراً لَها قَدْ أصْبَحَتْ عُزَباً،زوراً تجانفَ عنها القودُ والرَّسلُ
وبلدة ٍ مثلِ ظهرِ التُّرسِ موحشة ٍ،للجِنّ بِاللّيْلِ في حَافَاتِهَا زَجَلُ
لا يَتَمَنّى لهَا بِالقَيْظِ يَرْكَبُهَا،إلاّ الذينَ لهمْ فيما أتوا مهلُ
جاوزتها بطليحٍ جسرة ٍ سرحٍ،في مِرْفَقَيها إذا استَعرَضْتَها فَتَل
إمّا تَرَيْنَا حُفَاة ً لا نِعَالَ لَنَا،إنّا كَذَلِكَ مَا نَحْفَى وَنَنْتَعِلُ
فقدْ أخالسُ ربَّ البيتِ غفلتهُ،وقدْ يحاذرُ مني ثمّ ما يئلُ
وَقَدْ أقُودُ الصّبَى يَوْماً فيَتْبَعُني،وقدْ يصاحبني ذوالشَّرة ِ الغزلُ
وَقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يَتْبَعُنيشَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلشُلٌ شَوِلُ

و يكمل قصيدته على هذا المنوال


ما بال هؤلاء الشعراء - الجاهليون - فى بيئة قاحلة رملها و حرّها منفِّر أن يعشقوا امرأةً هكذا؟؟
فكيف المُنَعَّمِينَ في المدائن؟ 
ظاهرة بشرية مثيرة للاهتمام حقّاً و أحسبها تستحق الدراسة و التيقّن


هناك تعليق واحد:

  1. 1. Like
    2. "وفى رأيى لو كان الانسان فى مجتمع لا يحرم العلاقات على عمومها - اقصد كالمجتمعات الحيوانية - لما ظهر هذا ما يسمى حباً
    "
    أعتقد أن الوصف ليس بالدقيق ... ألا ترى أن حرية العلاقات فى المجتمعات الحيوانية تختلف من نوع الى اخر ؟مجتمع الغوريللا مثلا تحكمه قواعد غريزية تنظم التزاوج ... المقصد هنا أنه ليس بالضرورة أن يكون ما نعتقده هو ما فرضته ثقافة المجتمعات، و لكن الأمر قد يكون غريزيا بالنهاية ...
    تحياتى

    ردحذف