بحث هذه المدونة الإلكترونية

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 2 يناير 2013

الاعجاز فى كلام العرب


منذ زمن و انا أقول إننا لو تمحصنا و تفحصنا فى اى نصٍّ لوجدنا فيه بواطن امور قد نجدها معجزة. فمن منّا لم يكن يربط عدد ابيات نص كان يحفظه فى المدرسة برقم الصفحة؟ و كنت دائما اقرب الاسماء الانجليزية لمرادفات عربية مضحكة حتى لا انساها. فالانسان بطبعه يحب ان يربط الامور و يستبط اشياء غير ظاهرة و كأنه يريد دوماً أن يثبت لنفسه أنه ذكى شديد الملاحظة سريع البديهة قوى المنطق :)
فتعالوا معاً نثبت مثل هذا الزعم الذى أزعمه 

يقول ابن زيدون..
وأشد ما لاقيت من ألم الهوى           قرب الحبيب وما إليه وصول
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ      والماء فوق ظهورها محمول



والآن إذا عددنا حرف الهاء في هذه الأبيات نجدها تكررت 4 مرات، وإذا عددنا حرف القاف نجده قد تكرر 4 مرات أيضاً وبالضبط!.. ولا ينتهي الإعجاز الرياضي إلى هنا، فالواقع أن كل حرف سواء القاف أوالهاء قد تواجد في كل شطر مرة واحدة فقط! وإذا جمعنا هذين الحرفين(هـ ، م ) المتكررين بتوزيع فريد على الأبيات نجدهما يعطيان كلمة (هَم)، فالشاعر يريد أن يقول بأنه بهذه الأبيات يصف ما أصابه من هَم نتيجة قرب الحبيب وفي نفس الوقت عدم القدرة على الوصول إليه، فإذا ضربنا هذا الرقم 4×10 =40 نجدها مساوية لعدد السنين التي قضاها ابن زيدون في السجن


أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي
يقول المتنبيء:
الخيل والليل والبيداء تعرفني     والسيف والرمح والقرطاس والقلم



حيث كشف العلم الحديث أن تركيب عين الخيل أفضل من الإنسان من ناحية حدة البصرفي الظلام، وبؤبؤ عيون الخيول يتسع بما يعادل 6 مرات نظيره لدى البشر، ولهذا أعقب الشاعر كلمة الليل بعد الخيل مباشرة ليبرهن على فروسيته القوية كقدرة الخيل على السعي في الليل، فكيف عرف المتنبيء تركيبة عيون الخيل في ذلك العصر؟!.. ولا ينتهي الإعجاز العلمي إلى هنا، فالحقيقة أن كافة ما ورد في الشطر الثاني من هذا البيت (السيف والرمح والقرطاس والقلم) تحتوي على عنصر الكربون في تركيبتها رغم اختلافها الظاهر، والشاعر أراد من ذلك أن يبين تمكنه من هذه 
الأشياء كوحدة واحدة تتضمن جميعاً ذات العنصر الكيميائي.

ابو الطيب المتنبى

كما ترى من هذين المثلين نجد أنه يمكن استخراج إعجاز رياضي وعلمي من أي نص إذا توفرت النية الكافية لذلك، وما تم تطبيقه أعلاه بمثلين سريعين يمكن عمله بتفصيل أكثر تعقيداً على كافة النصوص التي تخطر ببالك.


يقول 
زيد بن عمرو بن نفيل العدوي القرشي:

وأسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمــل صخــرا ثقـــالا 

دحاها فلمــا رآهــــا استـــوت على الماء أرسى عليها الجبالا 

وأسلمت وجهي لمن أسلمت لـــه المزن تحـــمل عــــذبا زلالا 

إذا هي سيـــقت إلى بلــــدة أطاعــت فصــبت عليها سجــالا


مع العلم انه قد قال هذه الابيات قبل عصر النبوة. فأنّى لزيد بن عمرو أن يعى ان الارض تحمل من الصخور عناصر ثقيلة لم يعرفها الا العصر الحديث. و فى قوله دحاها عظة. فلما بحثت عن معنى الكلمة فى معجم لسان العرب وجدت الاتى

الدَّحْوُ: البَسْطُ. دَحَا الأَرضَ يَدْحُوها دَحْواً: بَسَطَها
 يقال: دَحَا يَدْحُو ويَدْحَى أَي بَسَطَ ووسع
و فى البيت الثانى قوله المزن تحمل عذاباً زلالا. فالمزن فى لسان العرب وردت كالاتى:

والمُزْنُ السحاب عامةٌ، وقيل: السحاب ذو الماء، واحدته مُزْنةٌ، وقيل: المُزْنَةُ السحابة البيضاء، والجمع مُزْنٌ، والبَرَدُ حَبُّ المُزْنِ، وتكرر في الحديث ذكر المزنِ. قال ابن الأَثير: المُزْنُ وهو الغيم والسحاب، واحدته مُزْنَةٌ، ومُزَيْنة تصغير مُزْنةٍ، وهي السحابة البيضاء، قال: ويكون تصغير مَزْنَةٍ. يقال: مَزَنَ في الأَرض مَزْنَةً واحدة أَي سار عُقْبَةً واحدة، وما أَحسن مُزْنَتَه، وهو الاسم مثل حُسْوةٍ وحَسْوةٍ.

 اى انه اسلم وجهه للرب الذى يسلط السحب التى تحمل عذاباً لقوم عصوه. و ان ذهبت الى قرية طيبة تطيعه انزل عليها الماء و سقى ارضها.



روي عن أحد شيوخ الأعراب ، واسمه أبو حمزة الضبَّي أنه هجر خيمة امراته ، وكان يبيت ويقيل عند جيران له حين ولدت امراته بنتا ، وكانت المرأة لا ترى داعيا لهذا الهجران ، فكانت إذا رقَّصت طفلتها غنتها بهذه الأبيات : 

ما لأبي حمزة لا يأتينا 

يظلَّ في البيت الذي يلينا 

غضبا أن لا نلد البنينا 

تا الله ما ذلك في أيدينا 
وإنما نأخذ ما أعطينا 
ونحن كالزرع لزارعينا 
نُنْبتُ ما قد زرعوه فينا

فمن اوحى الى هذه المرأة الجاهلية التى عاشت فى ارضِ جدباء لا تعرف الا الرعى و العشب أن منى الرجل هو المسئول عن نوع المولود؟



يقول امرؤ القيس فى معلقته:
مكر مفر مقبل مدبر معا       كجلمود صخر حطه السيل من عل

امرؤ القيس


وصف بسيط للفرس ولكن ما به من إعجاز.

لنأخذأولا
“مكر مفر مقبل مدبر معا” كيف يكر الحصان ويفرفي آن واحد ويقبل ويدبر في آن واحد؟

العقل المحدود يقول لا يمكن، إنما هي بلاغة شاعر ليس إلا.
ولكن العلم الحديث يقول لنا غيرذلك.
نعم إن الحصان يكر ويفر في نفس اللحظة، ويقبل ويدبر في اللحظة ذاتها. كيف؟ هذاما اكتشفه إدوارد مايبريدج في أواخر القرن ال19 عندما صنع كاميرا عالية السرعة ultrafast لبحث حركة الحصان واكتشف – أنه أثناء جري الحصان تكون رجلاه الخلفيتان تتقدم في نفس اللحظة التي تتأخر فيها رجلاه الأماميتان، وعندما تبدأ رجلاه الأماميتان في التقدم تتحول حركة رجليه الخلفيتين إلى التأخر. وهكذايقبل الحصان ويدبر، ويكر ويفر، في ذات الوقت!!!


“حطه السيل من عل”.
إننا لا نفهم كيف يمكن تشبيه حصان يجري في طريق أفقي، بصخرة تسقط من أعلى. فهل أخطأ امرؤ القيس يا ترى؟
لو لم ينقذنا العلم الحديث لظننا أنه مجرد صورة بلاغية. ولكن العلم الحديث يقدم الإجابة: إن تحليل حركة الحصان equine locomotion analysis بواسطةأجهزة الرصد والتحليل المتطورة أثبتت صحة نظرية مايبريدج والتي تقول بأن دورة حركةأرجل الحصان تشمل مرحلة تكون فيها حوافر الحصان الأربعة كلها في الهواء (أي غيرملامسة للأرض) في آن واحد. أي أنه في كل دورة حركة يسقط الحصان كله من أعلى (من عل) مرة واحدة على الأقل.
يا امرؤ القيس. هل امتلكت كاميرا ليزر؟







المقال مجموع من عدة مصادر بالمناسبة و منقح كما تنبغى الضرورة :)

هناك 6 تعليقات:

  1. انت شديد الذكاء يا جيمى ... و انا فاهم اللى انت بترمى له
    بس هو انت فعلا شايف ان الأمثلة اللى ذكرتها تدل على صحة الزعم اللى بتبدأ بيه التدوينة ؟

    ردحذف
    الردود
    1. و انت اكثر ذكاءً من ان تحاول ان تسنبط نواياى التى سأنكرها أو اقرها بمنتهى البساطة :)
      اضافةً الى أننى تعمّدت أن أبدأ بمقدمة غاية فى الركاكة لغرضٍ فى نفسى قضيته :)

      حذف
  2. على فكره الهاء جت خمس مرات مش اربعه وده ان دل يدل على انك فعلا متبع منهج الاخوة بتوع الاعجاز الرقمي في القرآن :) هو عموما بردو موضوع الاعجاز اثبت حاجة مهمة جدا ومفيش حد يقدر ينكرها "ان فيه ناس ممكن تصدق اي حاجة تتقال لها "

    ردحذف
    الردود
    1. أشكرك على قوى ملاحظتك .. كنت انتظر تعليقين هذا اولهما و هو يدل على دقة فى القراءة أو أن المثال قد وقع امامك من قبل.
      الملاحظة الاخرى كانت لماذا تم ضرب الرقم 4 فى 10؟ بالطبع الامر واضح و جلىّ لكل مدقق و هو ان الغرض هو إثبات الاعجاز و ليس استخراجه من الكلام :)

      ثانياً: انا لم اذكر القرءان من قريب أو بعيد.. و لم أتعرض للدين بأى وجه من الأوجه.. و قد جمعت بين كلام جاهلىّ و شعر للمتنبى العباسى .. الموضوع واضح من عنوان المدونة و هو الاعجاز العلمى فى كلام العرب

      ثالثاً: اوافقك فى بعض قولك "ان فيه ناس ممكن تصدق اى حاجة تتقال" و ازيد عليه أنه يا عزيزى للأسف معظم الناس - إلّا من رحم ربّى - بتصدق معظم ما يقال لهم بلا بحث و تدقيق و تحرّى للحقيقة.

      اشكرك على التعليق الممتع :)

      حذف